جمعية سفراء التراث
جزيرة تاروت: موقع تاريخي وأثري قديم في السعودية
منذ 11 شهر
تقع جزيرة تاروت على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية، شرق واحة القطيف وفي وسط الخليج البحري المعروف باسم خليج تاروت. تحيط بها من الشمال الرأس البحري الشهير رأس تنورة، ومن الجنوب حاضرة المنطقة الشرقية الدمام، ومن الغرب واحة القطيف وقراها وبساتينها. شكل الرأس البحري لرأس تنورة مصداً طبيعياً للرياح الشمالية والغربية والشرقية، مما جعل الجزيرة في حالة أمن واستقرار. تنتشر في الجزيرة المياه العذبة الغزيرة والأشجار المثمرة كالنخيل والعنب والموز والرمان والليمون والبرتقال وغيرها، بالإضافة إلى الحبوب والخضراوات، حتى قال أبو الفداء: "وَلِتَارُوْتِ الكُرُومُ الكَثِيرَةُ وَالعِنَبُ الْمُفَضَّلْ". ساعد هذا النظام الزراعي المتطور على استيطان البشر للجزيرة منذ آلاف السنين وممارسة التجارة والصناعات اليدوية وصيد السمك واللؤلؤ، مما جعل لها شهرة كبيرة بين سكان شبه الجزيرة العربية وإقليم فارس وبلاد الرافدين.
ربما اسمها الأصلي تيروس (Tarrus) الذي هو قريب من اسمها الحالي. أما اليونانيون فأطلقوا عليها اسم تارو (Taro) كما ذكر في جغرافية بطليموس. وصفها أبو الفداء في القرن الثامن الهجري بأنها بلدة شرق مدينة القطيف تبعد عنها بنصف مرحلة، ويوجد بها كروم تنتج العنب المفضل. يذهب البعض إلى أن اسمها في الأصل عشتاروت، وأنها كانت معبدًا للإلهة عشتاروت الفينيقية، تطرق إليه التحريف، فحذف منه المقطع الأول اختصارًا وصارت تعرف بالمقطعين الأخيرين (تاروت). عشتاروت أو عشتروت اسم للبعلة معبودة الفينيقيين التي كانوا يقدمون لها الذبائح البشرية والتي يوجد لها تماثيل مجسمة في دير القلعة في لبنان.
تشير الآثار المكتشفة في الجزيرة إلى أنها كانت موطنًا للفينيقيين قبل هجرتهم إلى البحر الأبيض المتوسط. عُثر فيها على تمثال ذهبي للإلهة عشتاروت، إلهة الخصب والجمال والحب عند الشعوب السامية. تحوي الجزيرة آثارًا تعود إلى عصور قديمة مثل حضارتي العبيد وباربار، وحضارات أخرى كالعيلامية والفارسية والموهنجو دارو على نهر السند وحضارة أم النار. اهتمت البعثات الأثرية الدنماركية بدراسة هذه الآثار في الجزيرة. يوجد فيها حاليًا مواقع أثرية وقلعة بُنيت على أنقاض قلعة برتغالية قديمة. تم العثور أيضًا على بقايا هيكل عشتاروت ضخم مصنوع من أحجار كبيرة منحوتة. تم اكتشاف أربع طبقات سكنية مبنية من كتل حجرية مربعة الشكل، وبئر عميق للمياه العذبة تصرف مياهه إلى حوض كبير من الأحجار الطبيعية. تم العثور على كسر فخارية منتشرة على سطح التل، تعود إلى حضارة باربار (حوالي 3000 ق.م). كما أن في الطبقات السفلى تم اكتشاف آثار أكثر قدمًا تعود إلى حضارة العبيد (حوالي 4500 ق.م)، بما في ذلك رؤوس سهام، كسر حجرية، وحوالي 200 قطعة فخارية مزخرفة بأشكال هندسية. أدى هذا الاكتشاف إلى المزيد من الحفريات والتنقيبات في المنطقة، حيث تم تسجيل 15 موقعًا آخر تحتوي على كسر فخارية ملونة. أيضًا تم العثور على تلال جيرية مغطاة بالطين في الجنوب الشرقي من الجزيرة، تضم حجرات دفن مبنية من كتل الحجر الجيري. تم العثور على مقابر محاطة بجبس وكسر حجرية حولها. وأهم المعالم الأثرية البارزة فيها قلعتان أثريتان إحداهما في مدينة تاروت، وقد بنيت على أنقاض هيكل عشتاروت بجوار عين الحمام، والثانية في دارين في الجنوب.
المراجع:
١- محمد سعيد المسلم، هذه بلادنا القطيف، الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب - الرياض، الطبعة: الثانية، ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م.
٢- محمد سعيد المسلم، ساحل الذهب الأسود (دراسة تاريخية إنسانية لمنطقة الخليج العربي)، الناشر: دار مكتبة الحياة- بيروت، الطبعة: الثانية، ١٩٦٠ م.
网址:جمعية سفراء التراث https://klqsh.com/news/view/140639